[ أحمد الزيات - من مقال "لو كنا نقرأ"، مجلة الرسالة العدد(188)]تتبع الطالب من يوم دخوله روضة الأطفال إلى يوم خروجه من الجامعة؛ فهل تراه يقرأ - إن قرأ - إلا كتب المدرسة أو ملخصات المعلم أو فكاهات الصحف؟ إنك تراه ساعة الدرس وأذنه إلى فم الأستاذ، ويده على القلم، وعينه في الدفتر، يختصر ما اختصر، ويقتصر على ما أقتصر؛ وتراه ساعة الفراغ يحاول أن ينقشه بالتكرار على صفحة ذهنه، فيصدع رأسه بترديد ما لا يفهمه، ويغثي نفسه بإساغة ما لا يهضمه، حتى إذا خرج من المدرسة خرج مكروباً لا يتقار من الكلال والسأم، فينفس عن صدره بالفكاهة الرخيصة أو القراءة السهلة ? فإذا نال الشهادة بالحفظ تبعه هذا النفور إلى منصبه إذا كان عبد الوظيفة، أو إلى مكتبه إن كان حر العمل، فيكره الأدب لأنه يتذكر درس (المحفوظات)، ويعاف القراءة لأنه لم ينس درس (المطالعة)؛ وعمله وأمله لا يقتضيانه التعمق ولا المزيد، فيعود كما بدأه الله أمياً يعمل بالإرشاد، وفطرياً يهتدي بالغريزة. والمعلم الذي يخرّج التلميذ اليوم، كان هذا التلميذ نفسه !!
-
آخر الإدراجات
اضافة تعليق